لم تسع الفرحه اسرة الأستاذ أمين عندما تقدم لها (منتصر) يطلب يد إبنتها الكبرى (غادة) ففى ظل الحالة الإقتصادية المتردية وإنعدام فرص التوظيف وإرتفاع الأسعار مقارنة (بالدخل) تصبح عملية أن تحظى (الفتاة) بعريس مناسبة مفرحة جداً على الرغم مما تلقيه من تبعات (مهلكة) لإكمالها ...
- شوف يا (أمين) البت لازم يتعمل ليها حفلة معتبرة
- ما خلاص يا عزيزة نخلى الحفلة والعيزومة دى مع (الدخلة) وأصلو الدخلة بتبقى على العريس
- نخلى شنو؟ إنت يا راجل جنيت ؟ الناس تقول علينا شنو؟
- الناس ما تقول التقولو أنحنا مالنا ومالهم
- أنا قلتا فى حفلة وفى عيزومة يعنى فى حفلة وفى عيزومة ... يعنى إشمعنى بت خالتها
(عفاف ) إتعملت ليها حفلة قدر الدنيا ؟
- دى أبوها تاجر (عملة) قدر الدنيا وأنا حتت موظف تعبان على المعاش !
- (فى لهجة حاسمة) : أمين ! أنا قلت فى حفلة يعنى فى حفلة
هنا وبعد (الهرشة الكاربة) دى يقوم أمين إلى حجمه الطبيعى ويغير من لغة الحوار :
- يا أمينة أنا بس رأئي إنو (القروش) الح نصرفا فى الحفلة دى نوفرا أحسن (للعفش) بعدين
- إنت ناسى إنو العريس دافع إتنين (مليون) مهر ؟
- وإتنين (مليون) دى تعمل شنو؟ دى ما تجيب ليها أوضت نوم من (الدلالة)
- البركة فى قريشات المعاش الإستبدلتهم ديل
- ديل كوولهم تلاته مليون ... خللاص نويتى عليهم؟
- تلاته مليون .. إتنين مليون ده ما شغلى .. إنت عاوزنا نبقى مهزلة قدام الناس !
العصفور الذهبى :
فى صباح اليوم التالى وما ان إنتهى (أمين) من شرب فنجان القهوة حتى بادرته (عزيزة) :
- الليله تمشى تحجز الصالة؟
- صالة شنو يا عزيزة مش ح نعمل العزومة دى فى البيت !
- بيت شنو ياراجل إنت جنيت ؟ إنت من زمن الأعراس بعملوها فى البيوت ؟
- مال بقوا يعملوها وين !
- صالة (العصفور الذهبى) ، صالة (الفرح الخرافى) ، نادى (الدولار الأخضر) !
- طيب خلاس ما نعملا فى نادى المصلحة بتاعتنا ؟
- إنت يا راجل خرفتا ؟ مصلحت شنو؟ كان قامت (هبوب) ساكت تفرتق لينا الحفلة ؟ دى صالات
(مغلقة) ومكيفه .. عارف (مغلقة) يعنى شنو ؟
فى مكتب إدارة صالة (العصفور الذهبى) للأفراح يجلس (أمين) وهو فى حالة إنبهار من مستوى الصالة وفخامة الكراسى المتراصة و(الكوشة) المزركشة والموكيت والساونات وشاشات البلازما الموزعة على جميع الأرجاء
- والله فى الحقيقة عندنا زواج بتنا وعاوزين نأجر منكم الصالة دى !
- عاوزنها متين ؟
- الخميس البعد .. البعد .. الجاى !
- (وهو يخرج دفتر من درج المكتب وينظر ) : أوكى يا حاج إنتو محظوظين الصالة فاضية ممكن
نحجزا ليكم
- أها بتدونا ليها بى كم؟
- والله ياحاج دى بتعتمد على حاجات كتيرة .. عموما خد الورقه دى فيها الأسعار
أمسك (أمين) بالورقة التى إحتوت على أسعار الخدمات التى تقدمها (صالة العصفور الذهبى) وبدأ فى مطالعتها بعد أن قام بإخراج (نضارة القراية) من جيبه ووضعها على عينيه .
- إيجار الصالة 3 مليون
- زفة ليزر 2 مليون
- تصوير فديو مليون ونص
- تصوير عادى مليون
- عشاء وبارد 30 ألف للفرد
قبل أن يكمل أمين قراءة (الأسعار) فاجأة الموظف :
- إنتو يا حاج الناس العازمنهم كم ؟
- هسه أفرض ما عازمين زول !
- (فى تعجب) : يعنى بقول لو ما عازمين زول (الحسبة) دى بتعمل كم ؟
- (وهو مندهش) : بتعمل ليها بدون ضيوف ذى سبعه ونص !
- المعاش الإستبدلتو والمهر ما سبعه ونص
- قلت شنو يا حاج
- لا ما قلت حاجة ...سلامو عليكم !
ما أن يخطو (أمين) خارج صالة العصفور الذهبى حتى يخرج هاتفه ليتصل بعزيزة
- أها إن شاء الله حجزتها !
- حجزت شنو؟ الصالة بدون ضيوف بى سبعه ونص !
- مالو ما هو أصلو اى عرس بيبدأ الساعة سبعه ونص !
- يا وليه بقول ليك إيجار الصالة والزفه والحاجات بدون عشاء بى سبعه مليون ونص !
- خلاس أمشى شوف ناس صالة (الفرح الخرافى) ! إحتمال يكون سعرهم أقل
الفرح الخرافى :
بعد مكالمته مع عزيزة إتجه أمين إلى حيث صالة الفرح الخرافى التى تطل على النيل حيث إستقبله (موظف الحجز) بإيتسامة عريضة
- شوف يا حاج أنحنا فى صالة (الفرح الخرافى) دى بنقوم بأى حاجه ... يعنى إنتو بس عليكم
تعزمو ضيوفكم
- لا يعنى ما علينا ندفع ؟
- (ضاحكاً) : أكيد يا حاج هو فى أهم من الدفع !
- أها طيب يا إبنى ورينا الدفع أقصد الأسعار
- والله يا حاج أنحنا بنعمل للزبون كل شئ .. نحجز ليهو الصالة ، نعمل يهو الزفة ، والكوشة
، والتورته ، ونجيب ليهو الفنان والاأوركسترا، والتصوير الفيديو والعادى ، ونجهز ليهو
العشاء والبارد ، والتحليه !! ولو عاوزين (رقاصة) ذاتو نجيبا ليكم !
- يا إبنى نحنا ما عاوزين أى حاجه من الحاجات القلت عليهم ديل بس ورينى إيجار الصالة
بتاعتكم دى كم والعشاء (النفر بى كم) !
- الإيجار يا حاج الليلة بى تلاته مليون ونص
- يعنى من الساعه كم للساعه كم ؟
- ما هو أصلها يا حاج تلاته ساعات من الساعه تمانية للساعه حداشر !
- تلاته ساعات بى تلاته مليون ونص؟ أنا شغال (تلاتين سنة ) معاشى ما قدر ده ! – مواصلا- أها
والعشاء النفر بى كم؟
- عندنا نوعين نوع النفر بى تلاتين ألف ونوع بى خمسين ألف
يخرج أمين من جيبه ورقه وقلم ويبدأ فى التضريب فى ذات اللحظة التى يدخل فيها شخص تبدو عليه علامات (الترطيب) وبسرعه وبساطه يتفق مع موظف الحجز على إقامة فرح إبنته شاملاً جميع الخدمات ويقوم بدفع مبلغ إطناشر مليون جنيه وضعها أمام الموظف فى هيئة (حزم) مربوطة عليها ورقة البنك ! يستلم الإيصال ثم يخرج بينما (أمين) يتوقف عن (التضريب) فاغراً فاه :
- (هامسا) : الزول ده منو؟
- إنتا ما بتعرفو؟
- لا لكن شكلو ما غريب عليا
- يا حاج ده (زكريا) أكبر غسال فى البلد
- غسال؟ يعنى بيغسل بالدسته !
- دستة شنو ياحاج ! إنت قايلو مكوجى ! – مواصلاً- كدى يا حاج خلينا من الموضوع ده ورينا
التضريبات العملتها دى
- (يركز فى الورقه) : شوف يا إبنى أنحنا ما عندنا ضيوف كتار .. يعنى بس أهل العريس وأهل
العروس القراب خالص .. يعنى قول (ميتين) نفر ... (ميه) مننا و(مية) منهم
- طيب عاوزين عشاء أبو تلاتين وإلا أبو خمسين !
- لا لا أبو تلاتين أحسن !
- طيب كده يا 30X 200 دى ستميت ألف ! زائد إيجار الصالة تلاته ونص يبقوا أربعه مليون ومية !
بعد جهد جهيد قام (امين) بإقناع موظف الحجز بأن (يفوت ليهو) المية الف لتصبح جملة الحساب (أربعه مليون) قام بدفعهم وإستلام الإيصال !
إتصرف :
بعد عودة أمين إلى المنزل قص على (عزيزة) ما قام به من جهد فى سبيل (حجز الصالة) كما قام بتنويرها عن اسعار الخدمات وعقد مقارنة بين (صالة العصفور الذهبى) وصالة (الفرح الخرافى) التى قام بالحجز فيها إلا أن (عزيزة) فاجأته قائلة :
- هسه إتنين مليون (المهر) وتلاته مليونك بتاعت إستبدال المعاش دى لمن ندفع منها العشاء
والصالة أربعه مليون ما خلاص بيفضل مليون واحد ماشى يعمل لينا شنو؟ وين قروش (الكوفير)
والحنانة وتصوير الفيديو وفستان الزفاف والزفة و(عداد) الفنان !
- طيب ما ده الكلام القلتو ليكى إنو مافى داعى للصالة دى ونعمل العرس فى البيت هنا أو فى
نادى المصلحة مجانن !
- أنا ما بعرف غايتو إتصرف ... إنت عاوز الناس تشيل حسى وتاكل لحمى !
- إتصرف كيف يعنى عاوزانى يعنى أعمل شنو ؟ أمشى أبيع نفسى دى !
- لا ما تبيع نفسك بيع العربية (الكركعوبة) الراكبا دى أصلو (دخاخينا) بقت ضاربه فى السما !
لم يكن سهلا على أمين بيع عربته فهى قد لازمته لسنوات طويله ، كان يذهب بها إلى المصلحة قبل أن يطلع على المعاش وبها يذهب للمناسبات الإجتماعية ... نعم هى موديل قديم شويه إلا أنها كما يقول (رافعه ليهو كرعينو) ، تحت إلحاح (عزيزة) يقوم أمين ببيع العربه فى (دلالة الجمعه) بمبلغ أربعة مليون ونص (أخذه السمسار) لقاء ما قام به من (جهد) فى إقناع المشترى !
الحكاية كبرت :
بعد جدال طويل إتفق أمين وعزيزة على أن يقوما يضغط المصروفات حيث قررت عزيزة أن تقوم بتأجير فستان الزفاف لإبنتها (غادة) بدلاً عن شرائه وعلى أن تقتصر المناسبه على 200 نفر فقط بعدد (صحون) العشاء التى إتفق عليها مع (ناس الصالة) .فتجلس عزيزة مع إبنتها (غاده) لحصر أسماء المدعويين .
تصل الدعوة إلى (نعمات) فتتصل تلفونيا بصديقتها (محاسن) وبعد السلام والتحية تدخل نعمات فى الموضوع :
- تتذكرى يا محاسن توبك الاخضر التركوازى الجيتى بيهو عرس إشراقه بت نعيمة الكان فى
النادى السورى ؟
- ياتو ده ما بتذكرو؟
- الشفون أبو صفقة كبيره داك
- تقصدى الفيهو (كنارا) بالدهبى
- بس ياهو ذاتو .. ح أجي أشيلو منك عشان ماشة بيهو عرس (غاده) بت (عزيزة) ! – مواصلة-
إنتى ح تلبسى ليهم شنو؟
- عرسها متين ؟ أنا مافى زول عزمنى
- (تصاب بدهشة وحرج لكنها تستدرك الموقف) : لا لا أنا نسيت بس (عزيزة) كلفتنى كان أكلمك تجى
تشرفوها إنتى والأولاد ... هى حاولت تتصل بيك فى موبايلك والشبكة كانت كعبة !
وتتصل (محاسن) بحنان لتدعوها لحضور زواج (غادة) بت (عزيزة) فتعترض بأن أحدا لم يدعوها لكن (محاسن) تخبرها بأنها مكلفة شخصيا لإبلاغها لحضور المناسبة هى والأولاد ، ويتكرر نفس الشئ مع (فائزة) و(إحسان) و(علوية) و(بدور) و(سلوى) و ..... ويصل عدد المدعويين إلى المئات !
هى بتلد ؟
تبدأ الإستعدادات ليوم الفرح .. وكل إستعداد (عاوز فلوس) .. الحنانة .. الكوافير .. تزيين العربة التى تقل العروسين .. الزفة ... (عداد) الفنان .. التصوير الفوتوغرافى ... تصوير الفيديو ...
- يا عزيزة خلاص قروش العربية كملت ما فضلت منها تعريفه حمراء
- ما تكمل كان كملت خلاص الحمدلله حاجاتنا كووولها إنتهينا منها
فى ذلك اليوم إتجه (أمين) إلى صالة (الفرح الخرافى) من بدرى للوقوف على الإستعدادات التى وجدها تجرى على قدم وساق فقد تم تجهيز الكوشة والساوندات وفى المطبخ الملحق بالصالة كانت تجرى إستعدادات تجهيز (العشاء)
- أهم ديل ميتين صحن بتاعت الضيوف يا حاج وكمان ختينا ليكم أرعين تربيزه كل تربيزه فيها
خمسة كراسى
- ما قصرتو والله !
عند الثامنة تماما بدات وفود (المعازيم) فى الحضور حيث وقف (أمين) وإبنه (صلاح) عند مدخل القاعه فى إستقبالهم ، لم تمض لحظات قليله حتى إمتلأت القاعه عن بكرة أبيها ، أصبح عدد الوقوف أكثر من عدد الجلوس بدأ إحضار (صحانت) العشاء والتى تخاطفها المدعوون ، بينما كان (أمين) ينظر فى دهشة للصالة التى إمتلأت عن آخرها
وفى تلك الزحمة فوجئ بمن (يلكزه) على ظهره فوجدها (عزيزة) :
- العشاء كمل يا أمين ونص الناس دى ما إتعشت
- ما يا هم (الميتين) صحن القلنا للناس ديل حضروهم لينا
- كلم ولدك (صلاح) ده يقول لى ناس الصالة ديل يعملو لينا كان ميه كان ميتين صحن تانى
النسوان ديل ما يشيلو حسى
- من وين بس ياعزيزة من وين ؟ أجيب ليهم قروش من وين
- قروش العربيه ما فضل منهم شئ
هنا تنتاب (أمين) نوبه هيستيرية فيمسك (بزرار) جلابيته ويصيح :
- هى قروش العربيه دى بتلد ... هى قروش العربيه دى بتلد ثم يقع مغشياً عليه ويتم نقله إلى المستسفى
تاااانى :
يؤكد الطبيب أن (أمين) قد تعرض لضغط عصبى مفاجئ وحاد أثر على بعض خلايا (الدماغ) فيوصى بمكوثه بالمستشفى لعدة أسابيع حتى تتحسن حالته ، بعد عدة أسابيع وبينما (عزيزة) تقوم بزيارتها المعهودة لأمين فى أحدى الأمسيات تفاجئه قائلة :
- فى واحد جاء وإتكلم فى بتك (مها) !
- عاوز منها شنو؟
- كيف يا أمين عاوز منها شنو؟ ما عاوز يعرسا
- مافى عرس تانى ... مافى عرس تانى
- لا ما تخاف المرة دى العريس يا امين قال بعمل أى حاجه بس إنت عليك (الصالة والعشاء) !
ما أن يستمع أمين إلى جملة (الصالة والعشاء) حتى تنتابه حاله إنهيار عصبى مرة أخرى وهو يردد .. العشاء .. العشاء ... العشاء .. يسرع إليه الأطباء ولكن بعد فوات الأوان !
بينما وضع جثمان (أمين) مسجيا فى إنتظار حمله إلى المقابر القريبه يهمس أحدهم فى إذن إبنه (صلاح)
قائلاً :
- قالو ليك ما تنسى وإنت راجع من المقابر تغشى تجيب معاك حاجات (العشاء)
لدهشة الجميع ينتصب (الجثمان) واقفا وهو يردد بصوت مسموع فى عصبية :
- تااانى ... العشاء .. تااانى العشاء (ثم يرقد مرة أخرى ) !